آليات الإفادة من التنوع الثقافي وخصائصه في تعزيز التنمية والتكامل المجتمعي.

مع تسارع وسائل التواصل الأجتماعي الحديثة أصبح من الضروري متابعته فيما يتعلق بالأحتكاك بالثقافات الأخرى لغرض زيادة التفاهم والتقارب الثقافي وتخفيف الخلافات بين مختلف الثقافات لمّا له من أثر إيجابي على التنمية المجتمعية وتكامل الثقافات، وفي الجهة المقابلة لهذا الرأي فأن النزاعات الثقافية من أكثر الظواهر المؤثرة على النسيج الأجتماعي بل ويمكن وصفها بأنها إحدى الموارد التي تساهم في تدميرها ، ولكن جل غايتنا بل يكون هذا الأختلاف الثقافي مقبولًا بيسر وسلاسة وأن لا تتمخض عنه أزمات في الفكر أو العيش المشترك.
(وكالة جدار نيوز الأخبارية الدولية) أستطلعت آراء نخبة من المشاركين والمشاركات وطرحت عليهم هذا التساؤل : هل يُشكل هذا الاحتكاك والأختلاف الثقافي فرصة للأستكشاف المتبادل على أعتبار أنه إحدى محركات الحضارة المعاصرة ، أم ترى بأنه سيكون أشد مراسًا وفعالية فيما لو فسح مجالًأ للحوار المشترك ، وكانت هذه الآراء الواردة.
تقبل الآخرين
د. علي لعيبي/ رئيس مجلس وتحرير مجلة الآداب والفنون: هنالك فرق بين الخلاف والأختلاف وعلينا أولًا أن نقبل الآخر مهما أختلفنا معه بعيدًا عن الادلجة السياسية أو الفكرية كلًا وحسب فهمه وقناعاته فليس من حقك أن تحاسبني على ما أؤمن به ، بل على ما أفعل نتيجة هذا الفكر من جانب سلبي على المجتمع وبالمجمل نحتاج عقلية تغادر العداء المسبق.
ترسيخ قيم العيش
د. رسالة الحسن : الإفادة من التنوع الثقافي لا تتم تلقائيًا، بل تتطلب إرادة سياسية واستراتيجيات تربوية وأطر قانونية وممارسات مجتمعية تضمن تحويل الأختلاف من مصدر توتر إلى رافعة للتنمية والتكامل فالأطّلاع على ثقافة الآخر يُعزّز التسامح وقبول الأختلاف، ويُثري المعرفة ويوسّع آفاق الفكر، كما يسهِم في تقوية التواصل الإنساني والتقارب الحضاري ، وهو كذلك وسيلة لتطوير المهارات الشخصية وتحفيز الإبداع، فضلاً عن دوره في ترسيخ قيم العيش المشترك وخدمة التنمية والسلام ، كما أن الاطّلاع على ثقافة الآخر يُعزّز التسامح وقبول الاختلاف، ويُثري المعرفة ويوسّع آفاق الفكر، كما يسهِم في تقوية التواصل الإنساني والتقارب الحضاري، وهو وسيلة لتطوير المهارات الشخصية وتحفيز الإبداع، فضلاً عن دوره في ترسيخ قيم العيش المشترك وخدمة التنمية والسلام ،
فالتنوع الثقافي ليس مجرد إختلاف في العادات أو التقاليد أو اللغات، بل هو رصيد حضاري ومعرفي يمكن أن يُسهم في تعزيز التنمية والتكامل المجتمعي إذا أحسن استثماره ومن أبرز الآليات التي يمكن توظيفها للأفادة من التنوع الثقافي هي (التربية والتعليم ، الحوار الثقافي التشريعات والسياسات الأعلام والثقافة ، المشاركة المجتمعية الأقتصاد الإبداعي).
تأثير مواقع التواصل
عباس العيد الموسوي/ صحفي : مواقع التواصل الأجتماعي سيف ذو حدين، إيجابي وسلبي ، ولذا نجاح تجربة التواصل عبر هذه الوسيلة يعتمد على الفهم المشترك والدليل النشر الأخير المكثف حول أربعينية الإمام الحسين "ع" دعا كثيرًا من الأجانب لزيارة العراق بغية فهم هذه التظاهرة الإنسانية بالواقع ، رغم الأختلافات الثقافية واللغوية والدينية والمذهبية كتب لهذا التقارب النجاح ، وقطعًا يعتمد نجاح هذا الأستكشاف على التواصل الفعال والبناء بين الأطراف مع مراعاة تأثير مواقع التواصل المتقلب ، وبدون ذلك قد تتفاقم الاختلافات الثقافية بين الأفراد والمجتمعات.
تعزيز الحوار المشترك
منور ملا حسون / أديبة وصحفية : التنوع الثقافي يعزز التنمية والتكامل المجتمعي من خلال التفاهم المتبادل والتوعية لتعزيز الحوار الثقافي، وهي عوامل تساهم في بناء جسور التعايش السلمي، وتبادل الخبرات والمعارف، لتحقيق التنمية الذاتية والإجتماعية، وعلى الرغم من ذلك إلاّ أن الأمر لايخلو من التوتر نتيجة للإختلافات الثقافية والدينية والعرف الإجتماعي وحواجز لغوية ، إذ أن هنالك حلول جذرية لذلك من خلال تنظيم فعاليات ثقافية مشتركة ، وتعزيز الشعور بالإنتماء الحقيقي للمجتمع وتقريب وجهات النظر التي تساهم في إثراء الثقافات المختلفة.
تحصين النفس والمجتمع
قيس النجم/ إعلامي وكاتب: التنوع والتواصل ثقافيًا العراق بعد عام (2003) تغيرت فيه كثير من الرؤى والسلوكيات والمفاهيم ، ولكنها مع الأسف تأثرت بالواقع الأفتراضي الذي غزا واقعنا بشكل جنوني ، والأكثر أسفاً أننا بدأنا نتشرب جرع الديمقراطية المزعومة بشكل مفرط مما أطاح بالبنية الإجتماعية والثقافية لمجتمعنا، ومع صخب مواقع التواصل الأجتماعي وجنون الفضائيات فنحن نتطلع إلى تواصل ديمقراطي وسلوك صحيح ومفاهيم واضحة تمتد من عمق إسلامنا الأصيل ولا نحتاج لديمقراطية شعارات ومزايدات، إذ أن التعايش والحرية المنضبطة تمهد الطريق أمام الشعوب لتحقيق أهدافها ، والإختلاف الثقافي والتنوع المذهبي والمناطقي هو نقاط قوة وليس ضعف كما يتوهم البعض وعليه فالحل يبدأ من
تحصين أنفسنا والمجتمع إولاً ، وهنالك فرق كبير بين الأنفتاح والجرأة وبين التسيب والفوضى في مواقع التواصل الأجتماعي.
الوصول للنضوج المعرفي
علي الوائلي/ أديب وأعلامي: أختلاف وجهات النظر والثقافات نعمة لمن يفهم كيفية أدارة الحوار البناء الذي يؤسس لثقافة الفائدة المشتركة من خلال تبادل المعلومات والخبرات ، فليس هناك فكرة كاملة بلا حوار ولا هناك عقيدة كاملة بلا نقاش ، وكل الأطروحات تحتاج إلى حوار علمي دقيق يبنى على أساس واحد ، وهو هدف الوصول إلى النضج المعرفي الذي يقودنا إلى تحقيق الأهداف المرجوة، ومن أهمها السلام المجتمعي، فمن خلال منبركم العريق هذا نجدد دعوتنا لكل المثقفين والمفكرين والباحثين لإدارة حوارات علمية وفكرية بناءة بشكل دوري وطرحها للشارع على شكل حلقات أسبوعية أو شهرية لزيادة الوعي المجتمعي والتخلص من التعصب الفكري والعقائدي.
بناء التكامل الثقافي
مازن جميل المناف/ أديب وكاتب : الأختلاف الثقافي يشكّل فرصة حقيقية للأستكشاف المتبادل والتعلم من خبرات الآخرين ، ويسهم في تعزيز التنمية المجتمعية وبناء التكامل بين الثقافات المختلفة عبر الحوار المفتوح والتفاهم المشترك، يمكن تحويل هذا التنوع إلى قوة إيجابية تقلل النزاعات ، وتفتح آفاق الابتكار والإبداع ، وتدعم مجتمعًا متماسكًا ومتطورًا يحترم التنوع ويستفيد منه في مختلف المجالات الحياتية.
تنمية الحوار المتوازن
ثامر الخفاجي/ أديب: بلا شك الاختلاف الثقافي يمكن أن يكون مصدر غنى حضاري ومعرفي إذا أُحسن توظيفه بالحوار والتفاهم ، فالتنوع لا يشكل تهديدًا بل ركيزة لتعزيز الهوية المجتمعية ووسيلة لتحقيق التكامل والتنمية المشتركة ، كما إن الحوار الواعي والمتوازن كفيل بتحويل الأختلافات إلى قوة إيجابية داعمة للأستقرار والنهضة ، ويكون كذلك أداة فاعلة لأكتساب الخبرات والأنفتاح على قيم إنسانية أرحب.
مد جسور التفاهم
عدنان كاظم السماوي/ باحث وكاتب: وسائل التواصل الأجتماعي تفتح منافذًا على الثقافات الأخرى ، ولتدخل الحضارات في حوار وعملية تفاعل وتعايش ، بين كافة الثقافات وعلى مساحة الحضارات المختلفة المندرسة والحالية ، وهذا يهدف إلى تحقيق التفاهم والتقارب والحوار بدلاً عن الصراع والعداء ، ويشمل هذا الحوار والتعايش وتبادل الأفكار والرؤى والمعارف ، مع أحترام هذا التنوع الثقافي وخصوصياته الثقافية الحضارية ، بما فيه من مّد جسور التفاهم وتعزيز التعاون الثقافي ونشر قيم التسامح والأعتدال والحفاظ على الهوية الوطنية الثقافية عن طريق التبادل والتعاون الثقافي بعيدًا عن التعصب العرقي والديني ونشر العدائية ، ولقد مرّت الحضارات بذلك الحوار والتاثير المتبادل ، بين الحضارات العربية والغربية والحضارة الصينية والهندية والحضارات الأخرى ، على أمتداد التاريخ الطويل.
تفاوت المستويات
علاء سعود الدليمي/ إعلامي واديب : مما لا شك فيه ولا جدال إنَّ مواقع التواصل الأجتماعي على اختلاف مسمياتها اليوم تشكل واقعًا مهمًا يتفاعل مع الناس بالرغم من تفاوتهم الثقافي المعرفي ، فهي وسائل أمست في كل بيت ومدى المنفعة منها أو التأثر والتأثير بها مختلف من فرد لآخر حسب ثقافته وميوله المعرفية والنفسية ، ولذا نعتبرها سلاح متاح للجميع ومتعدد الأستخدام، والعاقل العارف من يجعلها أداة معرفية ويبني من خلالها قاعدة جماهيرية تساهم في رفده بالدعم المادي والمعنوي، والجاهل من يسيء أستخدامها فتكون وبالًا عليه، فالعاقل ينتصر على الحضارات الأخرى لأنه يجعلها وسيلة لنجاحه، والعكس لمن تهور حتى صار ضحية لأستخدام خاطئ.
تقوية النسيج الأجتماعي
علاء الوردي/أديب واعلامي: أرى أن الأحتكاك الثقافي يثري العقول ويقوّي النسيج الأجتماعي إذا صيغ بالحوار، فهو محفّز للتنمية، ومنصة للتبادل الفكري، فإن قُوبل بالتعصب صار عبئًا، وإن أُدير بالحكمة غدا مصدر تكامل وحضارة.
توسيع آفاق التنمية
كامل الكعبي / كاتب وصحفي : لا يختلف أثنان على أن الأحتكاك والأختلاف الثقافي يُمثل فرصة ثمينة للتعارف وتعميق الفهم المشترك بين الشعوب، إذ يساهم في تعزيز قيم التسامح وتوسيع آفاق التنمية، بشرط أن يُدار بالحوار الواعي الذي يحوّل التباين إلى تكامل حضاري مثمر.
تشابه بين الحضارات
حسن الموسوي/ روائي وناقد : يشكل الأحتكاك الثقافي الفرصة الكبيرة في زيادة التفاهم والتقارب بين الشعوب وهذا ما أشرت له في إحدى رواياتي حينما ذكرت بان ثقافات الشعوب تذهب مع المهاجرين إلى أي جهة يقصدونها حتى ولو في آخر العالم ، وقد ثبت من الأكتشافات الأثرية تواجد تشابه كبير بين التماثيل في حضارة وادي الرافدين والتماثيل في حضارة أمريكا الجنوبية ، وهذا الأمر يعود لآلاف السنين ، ومن الجدير بالذكر ما لعبه الرحالة والتجار في هذا المجال الحيوي ، وكذلك لعبت التجارة بين الشعوب أهمية كبرى في نقل التجارب والعادات والثقافات فيما بينهم.
متابعة: سما بغداد.
تحقيق/ علي صحن عبد العزيز