احتوت حياة أبا الحسن(عليه السلام ) على جميع الفضائل والكمالات سواء الرورحية والمعنوية او الجسدية... ومن بين تلك الفضائل التي تجلت في شخصيته هي الزهد. ويمكن ان نعتبره رمزًا رائعًا للزهد في الإسلام والإنسانية ونموذج للجميع. فقد تجسدت في شخصيته أسمى معاني الجود والقناعة. وعلى الرغم من كونه خليفة المسلمين، وله مكانة عظيمة وثروة متاحة، إلا أنه اختار الابتعاد عن ملذات الدنيا وزينتها. فزهده لم يكن ناتجًا عن فقر، بل نابع من إيمانه العميق بالله عز وجل ورؤيته للحياة كمزرعة للآخرة. مفهوم الزهد عند يعسوب الدين (ع) كان الزهد عند الإمام علي (ع) بمثابة موقف عملي ورسالة عظيمة تدعو إلى تحقيق العدل والإيثار والرضا بالقليل. فهو يرى أن الدنيا زائلة، ويدعو كل إنسان للتأهب للآخرة والاستعداد لها. ورغم بساطته وتواضعه، كان يعمل بيده ويكسب رزقه، لكنه لم يتعلق بالدنيا. فالزهد عند الإمام علي لم يكن مجرد تخلٍ عن الدنيا، بل كان اختيارًا واعيًا يعكس تجلي الروح الإنسانية في أعلى تجلياتها. بساطته وتواضعه التواضع الذي اتسم به الإمام علي (عليه السلام ) كان مثالاً حيًا للقيادات و الحكام. فقد كان يرتدي ثيابًا متواضعة، ويرقع نعله بيده، مما يعكس روح الزهد الحقيقية. وهو القاىل: والله، لقد رقعت مدرعتي هذه حتى استحييت من راقعها. لقد تجسّد الزهد في حياته وسلوكها وتعامله مع الناس (عليه السلام ) فحينما نقرأ حياته نجد ذلك واضحاً فعن ابن عباس قال: دخلت على أمير المؤمنين (ع) وهو يخصف نعله، فقال لي: ما قيمة هذه النعل؟،فقلت: لا قيمة لها، فقال (ع): لهي أحب إليَّ من إمرتكم إلا أقيم بها حقاً أو أدفع بها باطلاً). إن هذه الصورة تعكس كيف كان علي (عليه السلام) يربط القيم الروحية بالممارسات اليومية. لقد كان زاهدًا في المظاهر، لكنّه غني بالمعاني والقيم. لم يكن يسعى وراء المال أو الجاه، بل كانت دوافعه النبيلة علينا أن نتأمل فيها ونستخلص منها العبر. رسالة الزهد لأجيال المسلمين بهذه الروح الإيمانية والنظرة العميقة للأمور، يُقدم الإمام علي (ع) درسًا للأجيال القادمة. يعلمنا أن الزهد ليس هجران الحياة أو السعي للعيش بوسائل محدودة، بل هو اختيار هادف يقود الشخص إلى التركيز على الغايات الحقيقية. فلنستعد بالزاد الحقيقي الذي نحتاجه في الحياة، ونجعل من الزهد أسلوب حياة. إن التوجه نحو الآخرة وتقدير الحياة الدنيا كموارد تُستخدم في طاعة الله عز وجل هو ما ينبغي أن نسعى إليه جميعًا. علينا أن نتذكر أن الحياة قصيرة، وأن كل ما نملكه من مال أو جاه سيفنى في النهاية. لذلك، توجب علينا أن نكرس طاقاتنا ومواردنا لأعمال صالحة تسهم في بناء مستقبل أفضل ونيل رضا الله. في هذا الإطار، يجب علينا كنساء ورجال، كمسلمين ومسلمات، أن نعيش حياة تتسم بالتوازن بين متطلبات الحياة الدنيا والآخرة. فكما أن الزهد دعوة لتحطيم القيود المادية، هو أيضًا حث على العطاء والبذل والإيثار. . أقوال الإمام علي (ع) في الزهد: "الزهد كله بين كلمتين من القرآن: (لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم)." "الزهد ليس أن لا تملك شيئًا، بل أن لا يملكك شيء." "من زهد في الدنيا هانت عليه المصائب." ومن كلامه (ع): «وإنّ دنياكم عندي لأهون من ورقة في فم جرادة تقضمها، ما لعلي ونعيم يفنى ولذة لا تبقى» من كلامه أيضاً (عليه السلام) وهو يخاطب الدنيا: «إليك عنّي يا دنيا، فحبلك على غاربك، قد انسللت من مخالبك وأفلت من حبائلك واجتنبت الذهاب من مداحضك. ختاماً علينا أن نستمد من حياة الإمام علي بن أبي طالب (ع) ومن زهده القيم والدروس، وأن نجعل ذلك موضع تفكير وعملاً في حياتنا اليومية. لنحذر من الانزلاق في شهوة المال والجاه والمنصب، ولنستشعر جمال الروح التي ترتقي بالإنسان نحو معنويات أسمى. إن الزهد، كما يُعلمنا الإمام علي(ع)، ليس مجرد مسألة شخصية، بل هو منهج حياة وشهادة على قيم نبيلة ينبغي أن نجسدها في كل جوانب حياتنا اليومية.